علاء عبد الحسيب يكتب: الغابة .. والحكومة
قولًا واحدًا، العالم يعيش حالة حرب، ظروف اقتصادية صعبة، وتحديات عالمية بالغة التعقيد، في أسواق السلع والمنتجات الأزمة تكمن، ارتفاعات لحظية مرعبة في حركة الأسعار، وتغيرات مستمرة في أسعار العملات، رقابة مفقودة على الأسواق، تجار أباطرة محترفون في استغلال الظروف، يتمردون على الحكومة نفسها، يتحكمون في مصير البشر بضغطة زر، زر الأرقام والأسعار، فهي تنظمها الأهواء، وتقيمها المصالح، وتديرها العشوائية، دون ضابط أو رقيب !.
ووسط هذا الوضع الاقتصادي الصعب، والمعاناة الكبيرة التي تواجه الشعوب، بدأت الحكومات في معظم دول العالم بإجراءات إصلاحية حقيقية على الأرض، لتهدئة وطأة هذه الموجة الاقتصادية المخيفة، وتخفيف المعاناة عن مجتمعاتها، ترفع سلاح الردع أمام كل مخالف، وتواجه بحسم كل من تسول له نفسه التلاعب بالأمن الغذائي البلاد.
في مصر، الحكومة قامت بإجراءات مقبولة، تتناسب إلى حد معقول مع الظروف والموارد، برامج محترمة تدعم الفئات المحرومة، وتساند معدومي الدخل الفئة الأكثر أنينا ومعاناة، نجحت في مساندة المستهدفين من الدعم التمويني بقيمة استثنائية ١٠٠ جنيه لأكثر من 8 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر، أجلت الحكومة زيادة أسعار الكهرباء حتى منتصف 2023 في وقت كان هناك زيادات دورية ترتبط بأسعار الوقود، وتتعلق بالتغيرات الاقتصادية العالمية.
أقرت الحكومة أيضا أكثر من مرة بقرارات سيادية زيادات في دخول الموظفين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة والمعاشات خلال السنوات الماضية، كان آخرها قرارات الرئيس السيسي التي أعلنها في زيارته الأخيرة لمحافظة المنيا، وتضمنت زيادة دخول جميع العاملين بالجهاز الإداري الدولة بحد أدنى 1000 جنيه، وما يعادله بالقطاع الخاص.
الرئيس وجه بزيادة المعاشات بواقع 15٪ يبدأ تطبيقها في أبريل من العالم الجاري، ورفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي إلى ٣٠ ألف جنيه بدلا من ٢٤ ألف جنيه، كما تدخلت الحكومة لدعم المستثمرين والمطورين أيضا وأقرت حزمة إجراءات مساندة تتعلق بتأجيل الأقساط الخاصة بالأراضي، وتوفير برامج تمويل للمشروعات بفائدة مدعمه.
لكن مع استمرار موجة الغلاء، وارتفاع أسعار العملات، وزيادة أسعار الوقود، ووسط هذه الإجراءات الإصلاحية التي أقرتها الدولة، لا يزال الشارع في مصر أشبه بالغابة، يأكل فيها التاجر لحم المواطن، يتحكم في الأسعار كيف يشاء، رقابة ضعيفة، وتواجد باهت لحملات التفتيش والمتابعة والرقابة على الأسواق.
المواطن يشعر باختفاء الحكومة من الشارع، التشريعات والقوانين ضعيفة جدا، لا تردع المخالفين، ولا يضعها تجار الدماء في الحسبان، برامج إصلاح تحتاج لإجراءات موازية، تبدأ من مراقبة الأسواق، وتشديد الرقابة على التجار في الالتزام بالأسعار، تغليظ العقوبة أيضا على المخالفين، وتسعير جبري لأسعار السلع الأساسية، فالعالم في حالة حرب !.