الأخبار

عزة نصر الدين تكتب قصة بعنوان ” بات شكها لعنه “

كتب: عزة نصر الدين

وفى اجتماع عائلي، تعالت الأصوات بالضحك، كلها صادرة من القلب، إما حزن، وإما فرح. مزق الأجواء قذفه لها ببهتان الحب: لاتنكري أنكِ أحببتني!

جاوبته من فورها: ماذا ؟! لا لا، ماذا تقول! لم يحدث أبداً هذا، أظن أنك مازلت عالقاً بقصة الدنجوان، أو أسطورة فارس الأحلام

رد في عناد: بل أحببتني ومازلتِ.

فاجأه ردها حين قالت: أقسم لك أني ما أحببتك يوماً،  ولا قدراً من الثانية فكيف الحال بكوني مازلت !

كثير من الاختزال يريح، والتمدد دائماً يكون بدواخلنا لذا أكملت حديثها.

لم أحبك يوماً وتلك حقيقة فأنا كنت أحياك واقع، أستيقظ صباحاً لأستنشقك هواءاً بارداً صيفاً، ودافئاً شتاءًا ..استنهض نفسي بكَ لأداوم، لقد كنت لي حياة، لكنه الشك!!!!

تبًا لتلك الكلمة اللعينة؛ التي ما أن حلت بين قلبين، إلا ومزقهم إربًا ..

وما دخلت بين صديقين إلا اختصما، وما دخلت بين أخين إلا تعادا. أرجعت جسدها للخلف لتستريح فأرجعتها ذاكرتها لما خلفته، من فيض من حب وعشق تخطى المدى، من كثرة صدقه، تنفسته برئتيها، لم تعد ترى غيره، لا تسمع سوى صوته، كل شيء حولها انحصر بداخلها فيه فقط، تحسست بأصابع يدها اليسرى كف اليمنى، لقد داهمتها ذكرى ملامسة يده ليدها كيف كانت عند السلام، بل ما الذي كانت تحدثه تلك اللمسة قصيرة المدى بها، تذكرت ذاك التراب الذي خلفه وراءه حين كان يغادرها، كم كانت تعشقه؛ فقط لأنه يقله..ارتسمت على محياها ابتسامة خفيفة، وضربت بقدمها على الأرض، لقد استحضرت جملتها له يومًا، أنها تعشق التراب الذي يسير عليه، فداهمها ذكر ما سطرت يومًا عن ذاتها حين قالت:

أنه فى أواخر عقدها الثاني، إبان خواتيم الأول، تگشفت لها رؤيتها من نفسها؛ فوجدت بها أنه، مهما بلغ بها العشق لأحدهم يومًا، حتى يؤتىٰ به؛ فيشار إلى قلبها، ويقال له “ذاك هو عرشك، عش ما شئت؛ فإنك مالكه، لن ينازعك فيه مخلوق خلق على أرضها، منذ بدء خليقتها، حتى يخيل إليه أنه فى سربه آمنًا مطمئنًا؛ فيجيئ كذبه عليها ليمحقه، إذ أنه باطلًا، قد أبت نفسه أنْ تَصْدُقُهُ؛ فاتخذ من الكذب سبيلًا منه إليها؛ فسولت له نفسه، وتزينت، وقالت للكذب:”كلي  لك”

فاستشرفها خانعًا متذللًا، ليقضي به، بينه وبين عباد الله، ليحق عليه من قلبها أمرًا كان مقضيًا..أنَّ  لعنة الله عليك مادمت حياً، ومابين نفسها، وجوانبها، قد كُتب له..أنْ سحقًا للقوم الكاذبين؛ فمنذ ذلك الحين، تلك هي نفسها، وهذا ديدنها.

وقد كان؛ فخلف كذبه عليها بقلبها شك، لم يكن ليغادرها أبدًا، حتى أنه اختلط عليها كل شيء فيه، حبه وبغضه، إقباله عليها واحجامه عنها، رغبته فيها وصده، كل شيء فيه، لقد بات يتراءى لديها فيه الشيء وضده؛ فلم تعد تجزم بكامل حبه لها، في الوقت الذي تجزم فيه، بأنه دائمًا يخفي عنها شيئًا، ملخصه امرأة أخرى، لم تعد تصدقه ..

لقد بات شكها لعنة

قهقت بخفة ليرتسم على محياها ابتسامة مريرة، لم تستطع إخفائها عن الأنظار، مما لفت انتباهه لها ،و دفعه لسؤالها، ما بكِ ؟!

لتبحر فى أمواج عينيه، معلنة شراع جوابها

“الشك؛

ليتيه بدوره فى دروب مقلتيها مستفهمًا؛ ما به ؟

“لعنة المحبين”

 

زر الذهاب إلى الأعلى