آراء وكتاب

أ.د. كرم علام يكتب : المرأة بين حلم الجمال وضغط الظروف الإقتصادية

كتب: أ. د كرم علام

هوس المظهر المثالي أصبح وباء عالمي يهدد قدرة المرأة المعاصرة علي أن تحيا حياة سعيدة معقولة في جو ضاغط يحاول خلق ثقافة استهلاك ضخمة لأدوات ومستحضرات وإجراءات التجميل التي تستهلك جزء ضخم من الميزانية الحياتية وقد تفوق الإمكانات المتاحة للمرأة وتساعد علي خلق وترسيخ شعور الإستياء من الجسد وكراهية الذات نتيجة الترويج لمعايير غربية مصطنعة وحادة لشكل الخصر والذراعين ودرجة لون البشرة وتفاصيل نسب أعضاء وأجزاء الجسم بشكل يفقد اللاهث وراء هذه المعايير الرضا والطمأنينة وفي الغالب لا يصل الي ما يرجو من نتيجة لاننا في الواقع مختلفين وجمالنا مختلف فالإختلاف سنة الحياة والجمال يوجد في صور وألوان متعددة وحتي جراحات وإجراءات التجميل غايتها الأساسية إزالة تشوه أو عيب ظاهر يمكن التخلص منه للوصول الي نتيجة افضل وأجمل وليس التجميل عصا سحرية لتغيير صورة كل إنسان غير راضي عن صورته نتيجة استسلامه لهجمة بيزنس المستحضرات والإجراءات التجميلية علي أفكاره.
للسعادة أسرار علي رأسها الرضا وتنويع مصادر الجمال المادي والمعنوي وعدم وضع رصيد الجمال بالكامل في سلة الجمال الظاهري الذي يذوي مع الأيام، وهذا لا يتعارض بحال مع الرغبة في أن نكون أجمل وهي غريزة أصيلة في البشر منذ فجر التاريخ فبقايا العصر الحجري والبرونزي وكل العصور تتصدرها أدوات الزينة والتجميل، لكن هذه الرغبة حتي تتحقق بشكل مرضي يجب أن تتسم أولا بالواقعية في تقبلها لما هو ممكن التحقيق وعدم التطلع الي نتائج خيالية فالإجراء التجميلي يمكن ان يحسن من حالة نسيج او وجه لكنه لن يمنحك وجه آخر من فاترينة الإختبارات ، وثانيا أن تتوافق مع قدراتك المادية، فسعيك دائما لأن تكوني ذات إطلالة أجمل لا ينبغي أن يترتب عليه استدانة وضغط مادي مستمر ومتصل لان الترويج لأدوات الجمال بلا سقف ولا حدود ومن الحكمة أن نعلم أين نبدأ وأين نتوقف.

ذكرت الدكتورة الأمريكية رينيه إنجلين في كتابها مرض الجمال عواقب التطلعات غير المنطقية والفجوة بين الرغبة والممكن في الوصول للجمال عند السيدات وخصوصا المراهقات والتأثيرات السلبية علي الحالة النفسية والجسدية والمادية والجوانب الصحية مثل الإحباط واضطرابات الأكل وتشوش القدرات الذهنية والإدراكية وغيرها، ومضت المؤلفة الي استخلاص نتيجة مهمة هي أن المرأة يجب ان تحطم هذه السلاسل البراقة التي تأسر وعيها وتمضي في طريق صناعة نموذجها الخاص بالجمال الذي لا يزهد في الجمال كلية ولكنه يرتبط بثقافتها وقدراتها المادية ويشمل اضافة الي الرغبة المعقولة في الجمال الجسدي علي تنويع سلة الجمال لتشمل الي جانب الجمال الجسدي الجمال العقلي والاجتماعي وغيرها من الجوانب التي تزداد نضجا مع التراجع الحتمي للجمال الجسدي.


بطاقة تعارف كاتب المقال..من هو الدكتور كرم علام؟

هو أستاذ بكلية الطب بجامعة سوهاج ويعد واحد من أهم رواد جراحة التجميل والحروق والوجه والفكين، .استشاري جراحات تجميل الأطفال و الاختلافات التكوينية للوجه والجمجمة دكتوراة وزمالة جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس – أمريكا زمالة جامعة ميونخ – ألمانيا

هو صاحب المبادرة الانسانية العظيمة “ما تخبيش وشك” لعلاج تشوهات الأطفال بالمجان.

كما يتمتع الدكتور كرم علام بقدر عال من الثقافة العامة والعلمية ومحبة الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى